- ما كل هذا التضجر والملل؟
- لأيام الاختبارات فقط لم أستطع الخروج بعد المطر ، وما إن انقضى الأسبوعان حتى خرجنا باحثين عن البسط الخضراء،
فما وجدنا غير الجدب استعاد محله ، أي أرض هذه التي ابتلينا بها!
- إذن هل تتمنين حديقة حول منزلك؟
أرضها خضراء تظللها أشجارها الكثيرة ، وتزينها الورود المتضامة هنا وهناك ، .. !
- أتخيل ذلك و أحلم به ، لكن الأمنيات أقرب منه!
- لنتخيل إذن!
يوقظك تغريد عصفور يتردد على صغاره في عشهم المتدلي قرب النافذة، وشقوق حلة الغصن الخضراء تُسرب ضوء الصباح إلى غرفتك ،
تدخلين دورة المياه لاستحمام سريع، وبشكل اعتيادي تتذمرين من حشرة تسللت إلى الداخل رغم كل محاولاتك ، وتصوبين نحوها مبيداً حشرياً حرصتِ على توزيع علب منه في كل غرفة .
تشطفين جسمك بالماء، وتقاومين بصعوبة رغبتك في حك دوائر صغيرة محمرة منتشرة على ذراعيك ورجليك!
- دعيك من هذا، أريد الخروج إلى الحديقة للإفطار.
- حسنٌ ، كوب شاي ، وقطة خبز مع جبن ..
تسكبين بعض الماء في إبريق الشاي وتوقدين تحته الموقد، تفتحين باب الخزانة غير مكترثة بسلسلة النمل الدابة في هدوء،
تخرجين علبة السكر، ووجدت ما كنت تخشين منه! هو النمل ثانية!
- ستطول الحكاية! إذن فليكن كوب حليب مالح فقط !
- لا بأس، هو ذاك
وريثما يفور حليبك، أحظرت سلاحك المعتاد لمعركة سريعة مع النمل، وصوبت المسحوق الأبيض بتقنيتك الذكية المعتادة،
تبدئين بإحاطته بالمسحوق من كل الجهات حتى يكون الموت أمامهم، والموت خلفهم، ثم تنفثين الموت من فوقهم، وتنهين المعركة بخسارة نظافة الأرضية،
تفتحين صنبور الماء وتفتحين علبة السكر تحته، حزينة على خسارة هذا الكم من السكر.
تسكبين حليبك في كوب، وتخرجين للحديقة ، ..
- طال انتظاري!
- قد تحسبوه خيراً وهو شر!
- ماذا تنوين ؟! سأكمل أنا !
أخرج للحديقة، أنتقي من بين الأشجار أورفها ظلاً، وأجلس مستندة إلى جذعها،
أتأمل الطيورَ تتنقل من غصن إلى غصن، والأزهارَ تطوف حولها فراشات فتحار العين لمن تنجذب أولاً ..
- مهلاً، أنسيت أصدقاء الحديقة؟
- بل ذكرتهم!
- أقصد الأصدقاء الصغار جداً، الذين لفرط الحب لا يبرحون الدبيب على جسدك ما اقتربت من مسكنهم!
ويقتربون من فوهة كوبك، وأذنيك، وعينيك، فتعروك قشعريرة!
- !
- أكملي أنت!
- لن أكون مخيرة في أمر الدخول للمنزل الذي أرجو أن يخلو منهم.
- كيف يخلو!
- رفقاً بي فقد بغّضت اللون الأخضر إلى قلبي!
- أفلا حمدت الله على ما اختاره لك؟