الشّرِيف الرّضِي
(359 ـ 406 هـ = 970 ـ 1015 م)
محمد بن الحسين بن موسىَ، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي: أشعر الطالبيين، علىَ كثرة المجيدين فيهم. مولده ووفاته في بغداد. انتهت إليه نقابة الأشراف في حياة والده. وخلع عليه بالسواد، وجدد له التقليد سنة 403 هـ. له (ديوان شعر) في مجلدين، وكتب، منها (الحَسَن من شعر الحسين) السادس والثامن منه، وهو مختارات من شعر ابن الحجاج، مرتبة علىَ الحروف في ثمانية أجزاء، و (المجازات النبوية) و (مجاز القرآن) باسم (تلخيص البيان عن مجاز القرآن) و (مختار شعر الصابئ) و (مجموعة ما دار بينه وبين أبي إسحاق الصابئ من الرسائل) طبعت باسم (رسائل الصابي والشريف الرضي) و (حقائق التأويل في متشابه التنزيل) و (خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) و (رسائل) نشر بعضها. وشعره من الطبقة الأولىَ رصفاً وبياناً وإبداعاً. ولزكي مبارك (عبقرية الشريف الرضي) ولمحمد رضا آل كاشف الغطاء (الشريف الرضي) ومثله لعبد المسيح محفوظ، ولحنا نمر.
ما أمرّك وما أحلاك
يا ظَبيَةَ البَانِ تَرْعَى في خَمَائِلِهِ
ليَهنَكِ اليَوْمَ أنّ القَلبَ مَرْعَاكِ
المَاءُ عِنْدَكِ مَبْذُولٌ لشَارِبِهِ
ولَيسَ يُرْوِيكِ إلاّ مَدمَعي البَاكي
هَبّتْ لَنَا مِنْ رِيَاحِ الغَوْرِ رَائحَةٌ
بَعْدَ الرُّقَادِ عَرَفْنَاها برَيّاكِ
ثمّ انثَنَينَا، إذا مَا هَزّنَا طَرَبٌ
عَلى الرّحَالِ، تَعَلّلْنَا بذِكْرَاكِ
سَهْمٌ أصَابَ وَرَاميهِ بِذِي سَلَمٍ
مَن بالعِرَاقِ، لَقد أبعَدْتِ مَرْمَاكِ
وَعدٌ لعَينَيكِ عِندِي ما وَفَيتِ بِهِ
يا قُرْبَ مَا كَذَبَتْ عَينيَّ عَينَاكِ
حكَتْ لِحَاظُكِ ما في الرّيمِ من مُلَحٍ
يَوْمَ اللّقَاءِ فكَانَ الفَضْلُ للحَاكي
كَأنّ طَرْفَكِ يَوْمَ الجِزْعِ يُخبرُنا
بِما طَوَى عَنكِ من أسمَاءِ قَتلاكِ
أنتِ النّعيمُ لقَلبي وَالعَذابُ لَهُ
فَمَا أمَرّكِ في قَلْبي وَأحْلاكِ
عِندِي رَسَائِلُ شَوْقٍ لَستُ أذكرُها
لَوْلا الرّقيبُ لَقَدْ بَلّغتُها فَاكِ
سَقَى مِنًى وَلَيَالي الخَيفِ ما شَرِبتْ
مِنَ الغَمَامِ وَحَيّاهَا وَحَيّاكِ
إذ يَلتَقي كُلُّ ذي دَينٍ وَماطِلَهُ
مِنّا، وَيَجتَمِعُ المَشْكُوُّ وَالشّاكي
لمّا غَدا السّرْبُ يَعطُو بَينَ أرْحُلِنَا
مَا كانَ فيهِ غَرِيمُ القَلبِ إلاّكِ
هامَتْ بكِ العَينُ لم تَتبَعْ سِوَاكِ هوًى
مَنْ عَلّمَ البَينَ أنّ القَلبَ يَهوَاكِ
حتّى دَنَا السّرْبُ، ما أحيَيتِ من كمَدٍ
قَتلى هَوَاكِ، وَلا فادَيتِ أسرَاكِ
يا حَبّذا نَفحَةٌ مَرّتْ بفيكِ لَنَا
وَنُطْفَةٌ غُمِسَتْ فيها ثَنَايَاكِ
وَحَبّذا وَقفَةٌ، وَالرّكْبُ مُغتَفِلٌ
عَلى ثَرًى وَخَدَتْ فيهِ مَطَاياكِ
لوْ كانَتِ اللِّمَةُ السّوْداءُ من عُدَدي
يَوْمَ الغَميمِ، لمَا أفلَتِّ أشرَاكي